اشتباك الشخصيات العلمية والإعلامية والسياسية العامة المؤثرة إيجاباً مع الجماهير بشكل مكثف قد يحوِّلُها من مؤثِّر إلى متأثر!! حيث إن السلوك الجماهيري العام – بعد أن يحب زيدًا أو عبيدًا – يدفعه اللاوعي عنده إلى أن يفرض ما يريد على تلك الشخصيات لتتحدث بما يريد لا بما يفيد أحيانا!! مندفعاً هذا الجمهور بعاطفته الجمعية مستخدماً زخم سلطته الجماهيرية للضغط على تلك الشخصيات!! فإن لم تستجب تلك الشخصيات لرغبة جماهيرها فقد أحرقت وانكشفت على حقيقتها، وتبدأ لطميات أننا لم نعد نثق بأحد.. وكلما أحببنا أحدا أحرقوه… ويبدأ الاغتيال المعنوي لهذه الشخصيات على يد جماهيرها التي أحبتها!!! بث الوعي اليوم من فروض العين.. الجماهير يجب أن تسمع من المؤثرين ما لها وما عليها.. أما العزف على وتر الذي لها فقط يُكسِب المؤثرين شعبية حذرة مؤقتة ثم تنقلب هذه الشعبية إلى محرقة عند أول اختلاف..الوعي اليوم يفرض علينا أن نحترم بعضنا واختلافاتنا في الرؤى وتقييم الأمور، فإنني إن كتبت اليوم ما يعبر عنك فهذا لا يعني أنني أصبحت ملكا لك.. وأنني يجب أن أتخذ من المواقف والكلمات ما تريده أنت.. وإن خالفتك في اجتهاد ما فهذا لا يعني أنني فقدت ديني، ووطنيتي وخيبت الآمال..
الوعي اليوم يفرض علينا أن نتخلص من الثنائيات التي تقسم الناس إلى أبيض وأسود.. فهناك منطقة رمادية.. هذه المنطقة الرمادية ربما تكون نفاقًا في مواقف وموضوعات معينة، لكنها في مواقف أخرى وسطية واعتدال مطلوبان وضروريان.. فلنتمسك برمادي الاعتدال ولنترك رمادي النفاق..
الوعي اليوم يفرض علينا أن نحسن الظن ببعضنا، وأن نرحم أصحاب التاريخ النظيف من سوء ظنوننا المستقبلية بهم بناءً على تجارب غيرهم..
أ. د. بشار شريفأستاذ مشارك – قسم اللغة العربية وآدابها – الجامعة الإسلامية بتركيا..